في هذا العدد

عن بغداد... مدينتنا...التي كسروا روحها ! هذه الجملة الافتتاحية ليست للإثارة، ونعترف أننا نقولها بحزن وأسف. لكنه الواقع الحالي لمدينتنا الجليلة .. واقع له تاريخ من التراكمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فعندما أحاطها حزام الفقر المتمثل بخلف السدة والشاكرية وغيرها من ثأليل الصرائف البائسة التي كانت تنبثق هنا وهناك حتى داخل العاصمة، لم تستطع السياسة آنذاك أن تتخيل ح ًلا غير تحويل كوارث الريف إلى العاصمة، بتقديم إسكان بلا خدمات ولا قاعدة تحتية حديثة، ما جعل المدينة تعاني من ضغوط هائلة سواء في الخدمات أو القيم والسلوك، مع القضاء على المساحات الخضراء. تبع ذلك فوضى التخطيط المقترن بشعارات سياسية متبجحة بمكارم السلطة وتوزيع الأراضي، وانبثاق مدن صغيرة أحاطت بالمدينة التاريخية ودخلت إلى أحشائها، وحطمت ما تبقى من تاريخها المجيد. وبعد ما هدمته ثلاثة حروب متتالية وحصار اقتصادي ثم احتلال أميركي، جرى انتهاك القوانين التي تنظم الحياة الحضرية والوظيفية للمدينة، وانقسمت المدينة الواحدة إلى عدة مدن، وانقسمت بيوت الطبقة الوسطى التي نمت في ظل الدولة إلى مجموعة من الأحياز الضيقة، وظهرت العشوائيات، والذوق الفاسد في البناء، والعمارات القبيحة المرتفعة في سياق استثمارت مشبوهة، في حين تحول شارع الرشيد، وهو أقدم شارع في المدينة إلى خرابة ومكب للنفايات. هذا ما يبرر جملة كسروا روحها.. لكن عدد «ماكو» هذا المكرس لبغداد يوثق بالصور والموضوعات بغداد التاريخية، تذكيرا بماضيها الثري، وبخروجها من محن تاريخ مضطرب، وإشارة إلى شخصيتها الحضارية المثيرة، وشيئا من صراعها مع حوادث وتحديثات ناقصة.