في هذا العدد

منذ مغادرة الفنان محمود صبري العراق عام 1960، تعذر على المتابع للتجربة العراقية من معرفة تطور تجربته ومن مستجداته الفكرية او الاسلوبية، هو الذي ترك بصمته المتميزة خلال الخمسينات عبر اعمال تنوعت بين المواضيع السياسية وبين مواضيع كرست للتعبير عن االظروف الاجتماعية للطبقات الفقيرة إلى جانب ما نشره من نقد فني ومقالات عن الفن العراقي ذات مرجعية ماركسية. حاولت مجلة ماكو بهذا العدد تجميع ما هو ممكن لمراحل تجربته المختلفة. اذ شكلت الخمسينات أهمية خاصة ضمن تاريخ الفن العراقي، حيث لم يتوفر الا على عدد محدود لا يتعدى العشرون عملا منه على الورق او القماش وبالتالي سيكون تقييم كامل تجربته هذه هو ضرب من الخيال على الرغم من اهميتها مقارنة بالتجارب التي مر بها الفنان بعد مغادرته العراق الى موسكو لدراسة الفن او كما يقال أيضا لتنفيذ عمله الجداري تحت عنوان (وطني) والذي خصص لان يكون خلف جدارية جواد سليم. خلالالستيناتوبدايةالسبعيناتبدىواضحاخضوعهلتأثيرالايقونةالروسيةشكلاولونًامعمحافظةمحدودةلبقايا شخوصه من مرحلة الخمسينات حينا او نتاجات ايقونية هي على الضد من كامل تجربته، وسرعان ما تخلى عن هذا الاسلوب الى مرحلة سميت بالسومريات بسبب مرجعيتها لما يعرف في الحضارة العراقية القديمة بالختم الاسطواني وهي مرحلة بدت ذات محدودية واضحة وارتباط غير ابداعي بتكوين الختم مع هذين التوجهين المتعارضين انتج اعمال تجريدية باسلوب شائع عن تل الزعتر وشيلي واستلهامه للوحة (صعود الخطايا) للفنان الهولندي جيروم بوش. بعد هذا التنوع الاسلوبي اصدر بيان واقعية الكم عام ١٩٧١ وبعد بضعة سنوات من هذا التاريخ تفرغ بالكامل لتطوير نظريته هذه ولحين وفاته في لندن عام 2012. نأمل ان يحرض هذا الجهد من تبقى من عائلة الفنان ، والمؤوسسات الفنية ومراكز دراسات الفنون على العمل في سبيل توثيق عمل هذا الفنان من اجل رسم كامل تجربته لكي يأخذ مكانته الفنية التي يستحقها ضمن تاريخ الفن العراقي والعربي.