في هذا العدد

هذا العدد منذ أن أقام معرضه الشخصي في محلات أورزدي باك بداية الستينات بعد عودته من دراسته في روما لفتت أعماله الخشبية الأنظار لرشاقتها وحرفية تنفيذها وما عكسته من مخيلة ذات أبعاد مختلفة عما كان سائداً في تجربة النحت العراقي، فهي على الضد من تجربة إسماعيل فتاح القادم من روما أيضاً. ولقد زادت أهمية أعماله وفاة الفنان جواد سليم وبقاء خالد الرحال في إيطاليا بعد تبدل النظام عام ١٩٦٣، إذ ع ّوض نشاطه وإنتاجيته العالية عن غياب الاثنين. ً ً كانت إنتاجيته مضرب مثل، ففي الوقت الذي بات تدريسه للفن يأخذ جانبا كبيرا من وقته، كان ينجح في إيجاد مساحة من الوقت للتفرغ لعمله الإبداعي. في بداية السبعينات، ونتيجة حصوله على تنفيذ أعمال نصبيه بالبرونز في الفضاء العام، تفرغ لها مفض ًلا تنفيذها في الخارج من قبل استوديوهات خاصة. هذا القرار أدى به للانشغال بالجانب الحرفي وما يحتاجه من وقت طويل للتنفيذ على حساب الجانب الإبداعي وما يتطلبه من بحث وتواصل مع المستجد عالميا. جاءت هذه الانشغالات الحرفية على حساب الجانب التوثيقي لتجربته الفنية أيضاً، وبدا هذا الأمر واضحاً بعد أن واجهنا في تنظيم هذا العدد من «ماكو» نقصان المعلومات الضرورية لآعماله من أبعاد وتواريخ. ومعروف أن مثل هذه المعلومات تعد المسطرة الوحيدة التي تساعد الباحث والناقد من دراسة التجربة وتقييم مراحل تطورها. في هذا العدد حاولنا، ضمن الممكن، الانتباه إلى تجربة نحتية غاية في التميز والمغايرة الإبداعية، ألا وهي أعمال الفنان صالح القرغولي الذي ظل خارج السرب التاريخي للنحت العراقي، متعمداً وحريصاً على الاختلاف والاختفاء، رغم قسوة الظروف الحياتية حينذاك. والحال إنه النموذج الأكثر أهمية بالرغم من قلة إنتاجه وقلة ما ُكتب عنه.